ومن ذلك : ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة : ( أما بعد , فإن خير الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل بدعة ضلالة ) زاد النسائي بسند جيد : ( وكل ضلالة في النار ) وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون , فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع , فأوصنا , فقال : ( أوصيكم بتقوى الله , والسمع والطاعة , وإن تأمر عليكم عبد , فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي , تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة ) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن السلف الصالح بعدهم ، التحذير من البدع والترهيب منها ، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين ، وشرع لم يأذن به الله ، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم ، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله ، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي ، واتهامه بعدم الكمال ، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم ، والمنكر الشنيع ، والمصادمة لقول الله عز وجل : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها .
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة : أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، والتحذير منها ، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء .
ولما أوجب الله من النصح للمسلمين ، وبيان ما شرع الله لهم من الدين ، وتحريم كتمان العلم ، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة ، التي قد فشت في كثير من الأمصار ، حتى ظنها بعض الناس من الدين ، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق والثبات عليه ، وترك ما خالفه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه " .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .